قصص كيميائية 22
مقدمة:
ولد لويس باستور Louis Pasteur عام 1822م في دول Dole بمنطقة الجورا الفرنسية. وعاش حياته الأولى في مدينة أربوا Arbois. كان في البداية طالباً متوسطا يحب الرسم والألوان، وحصل على بكالوريوس في الفنون Arts عام 1940م، ثم بكالوريوس في العلوم عام 1942م من الكلية الملكية في بوزنسون Besançon ثم الدكتوراه (عام 1947م) من المدرسة العليا في باريس.
بعد تدريس الكيمياء في ثانوية ديجون عين عام 1948م، عين مدرساً للكيمياء في جامعة ستراسبورغ حيث تزوج ابنة رئيس الجامعة.
فصل متخايلي حمض الطرطريك:
في عام 1849م، كان لويس باستور يقوم بأول أعماله البحثية الكبرى في الكيمياء. فقد كان يحاول أن يحل مشكلة تخص طبيعة حمض الطرطريك (أو الطرطر) Tartaric acid، وهو مادة كيميائية توجد في رواسب Sediments الخمر المخمرة. وكان العلماء يستخدمون دوران الضوء المستقطب Rotation of Polarized Light كوسيلة لدراسة البلورات Crystals.
عندما مرر الضوء المستقطب من خلال محلول لحمض الطرطريك، وجد أنه يدير مستوى الضوء المستقطب. وقد لاحظ باستور مركباً آخر يدعى حمض الباراطرطريك Paratartaric Acid، يوجد أيضاً في رواسب الخمر، وله نفس تركيب حمض الطرطريك. وكان معظم العلماء يفترضون أن المركبين متطابقين. لكن باستور لاحظ أن حمض الباراطرطريك لا يدير مستوى الضوء المستقطب. وقد استنتج من ذلك أنه رغم وجود تركيب كيميائي متطابق للحمضين، فإنهما يجب أن يكون لهما بنيتين مختلفتين.
عندما نظر باستور إلى حمض الباراطرطريك في المجهر، وجد أن هناك نوعان من البلورات الناعمة Tiny Crystals. ومع أنهما بدا أنهما متطابقان تقريباً، فإنه ظهر أنهما كل منهما خيال للمرآة بالنسبة للآخر. وقد فصل باستور نوعي البلورات في كومتين، وجهز من كل منهما محلولاً، عندما مرر الضوء المستقطب من كل منهما اكتشف أن المحلولين يديران مستوى استقطاب الضوء، ولكن في اتجاهين متعاكسين. وعندما وضع نوعي البلورات مع بعضهما في المحلول زال تأثير الضوء المستقطب.
وضحت هذه التجربة أن دراسة التركيب وحده ليس كافياً لفهم كيف يتصرف المركب, فالبنية والشكل كلاهما مهمان. وهذا فتح أمام العالم حقل الكيمياء الفراغية.
اكتشاف البسترة:
عين باستور عام 1854م أستاذاً للكيمياء، وعميداً لكلية العلوم في جامعة ليل. وهناك عمل على إيجاد حلول لمشاكل صنع المشروبات الكحولية Alcoholic Drinks. فاستعان
بنظرية الجراثيم Germ Theory ليطورها بتجاربه وأقنع معظم أوربا بحقيقة أن عضويات Organisms مثل البكتيريا Bacteria هي المسؤولة عن النبيذ والبيرة وحتى الحليب الحامض Souring wine, beer and even milk.
وقد اخترع بعد ذلك عملية يمكن بها أن يزيل البكتيريا من السوائل بالغلي Boiling ثم التبريد Cooling. وقد أنهى أول اختباراته عام 1962م، وتسمى اليوم هذه العملية بالبسترة Pasteurization.
مساعدة صناعة الحرير:
وفي عام 1865م، نقل باستور اهتمامه إلى حقل جديد ليساعد صناعة الحرير Silk Industry. فقد برهن أن الميكروبات تهاجم بيوض شرانق الحرير الصحية مسبباً لها مرضاً غير معروف، وأن المرض يزول إذا تم التخلص من الميكروبات. وقد وجد طريقة يمنع بها التلوث، استخدمت سريعاً من قبل صناع الحرير في أنحاء العالم.
اكتشاف اللقاحات:
كان أول اكتشاف للقاحات في عام 1879م، لمرض يدعى كوليرا الدجاج Chicken Cholera. فبعد أن عرض الدجاج بشكل غير مقصود إلى شكل موهن من مُحضّر المرض، بين أنها أصبحت مقاومة لذلك الفيروس. وقد ذهب باستور لتوسيع نظرية الميكروبات، ليبرهن أسباباً ولقاحات لأمراض مثل الجمرة الخبيثة Anthrax، والكوليرا Cholera، والسل TB، والجدري Smallpox.
انتخب باستور عام 1873م لعضو مشارك في الأكاديمية الطبية Academie de Medecine. وفي يوم قبوله في الأكاديمية الفرنسية عام 1882، قرر أن يركز جهده على مشكلة داء الكلب Rabies. وفي عام 1985م لقح باستور صبياً في التاسعة من عمره سبق أن تعرض للعض من قبل كلب مصاب. وقد أدى نجاح لقاح باستور في إنقاذ الطفل إلى ذيوع شهرته. وهكذا بدأت حملة تبرع عالمية لبناء معهد باستور في باريس Pasteur Institute in Paris، الذي تم افتتاحه عام 1888م.
شلل باستور:
تعرض باستور عام 1868م للشلل الجزئي Partially Paralyzed بسبب سكتة دماغية Brain Stroke قاسية، ولكنه كان قادراً على متابعة بحثه.
وبسبب شهرته تم الاحتفال بعيد ميلاده السبعين في جامعة السوربون بحضور علماء شهيرين من بينهم الجراح البريطاني جوزيف لستر Joseph Lister. ولكن شلل ساء بعد ذلك وتوفي في عام 1895م. ونقل رقاته إلى سرداب البيزنطيين الجدد New-Byzantine Crypt في معهد باستور عام 1896م.
بوابة المعرفة