الأدوية غير الستيروئيدية المضادة للالتهاب 14
مقدمة:
نحاول في هذا المقال تفسير ظاهرة تعطيل الإيبوبروفين لإنتاج هرمون التستوستيرون، التي تحدثنا عنها في المقال السابق عن الموضوع.
تؤثر المركبات المضادة للأندروجين Antiandrogen Compounds مثل البيسفينول أ Bisphenol A الفثالات Phthalates، وكذلك الإيبوبروفين Ibuprofen (وهو أحد أشهر الأدوية غير الستيروئيدية المضادة للالتهاب NSAIDs)، بشكل مؤثر على خلايا ليديغ وسرتولي Leydig and Sertoli Cells في الخصية.
والمعروف أن خلايا ليديغ تنتج التستوسترون، أما خلايا سرتولي فهي ضرورية لإنتاج النطف Spermatid في الخصية. ويضعف الإيبوبروفين تنظيم التعبير الجيني للخلايا شبه الأنبوبية Downregulates Peritubular Cell Gene Expression (وهي العضلات الناعمة المحيطة بمواضع إنتاج النطف).
وفي الممارسات السريرية، لوحظ أن استخدام مسكن (وبشكل خاص الأسبرين Aspirin) يرتبط بزيادة الزمن اللازم للحمل عند الزوجات أو الشريكات في الحياة مع رجال بدون زواج، وهي ظاهرة غربية منتشرة.
دراسة جديدة:
نشرت مجلة “وقائع المجلة الوطنية للعلوم Proceedings of the National Academy of Sciences” الأمريكية في كانون الثاني/ يناير 2018م دراسة علمية تظهر أن الإيبوبروفين يسبب قصور الغدد التناسلية بإلغاء وظيفة الغدد الصماء Endocrine Function في الخصية.
وقد أجرى الباحثون الدراسة بتجربة نظامية عشوائية مزدوجة مضبوطة بالأدوية الخالية من المادة الفعالة Randomized Double-Blinded Placebo-Controlled Trial ، أعطي فيها 1200 ملغ إيبوبروفين يومياً لمدة 6 أسابيع. وهذه هي الكمية المتاحة على الرف حسب لصاقات خاصة بها، أما المدة فتصنف بتحت حادة Subacute.
وكان عمر المشاركين في التجربة بين 18 و 35 عاماً، ولهم وزن وطول وعمر مناسب، ومن الذكور البيض. وقد استبعد الباحثون مشاركين قرينة كتلة جسمهم Body Mass Index فوق 30 (أي بدناء)، أو عندهم إصابات ركبة Knee أو خلل وظيفة كلية Kidney أو كبد Liver، أو قرحات معدية Peptic Ulcers، أو أنشطة بدنية منتظمة Regular Physical Activity (باستثناء استخدام الدراجات للتنقل).
وقد لوحظ أنه لم تتغير مجمل مستويات التستوسترون، و 17-β-الإستراديول (الذي يتشكل من التستوسترون في الجسم كناتج أيض أو استقلاب Metabolite)، والغلوبولين الرابط بالهرمونات الجنسي Sex Hormone-Binding Globulin بعد 14 يوماً أو بعد 44 يوماً من التناوزل اليومي للإيبوبروفين. ولكن الدراسة وجدت أن مستويات الهرمون الملوتن تغيرت في الحالتين.
وتفرز خلايا ليبيغ هرمون التستوسترون عندما يكون مؤشراً على الهرمون الملوتن. وقد تناقصت نسبة التستوسترون/ الهرمون الملوتن في دراسة الإيبوبرفين. وهذا التغير يتناسب مع قصور الغدد التناسلية. إذ ليس للإيبوبروفين تأثير على الهرمون الملوتن أو تعبير مستقبل الهرمون المنشط للبصيلات Follicle-Stimulating Hormone Receptor Expression بشكل مباشر. وهذا سمح بعزل آليات التأثير عند تلك التي تتدخل في تناقص تنظيم اصطناع التستوسترون.
دور خلايا ستيرولي:
تطلق خلايا ستيرولي هرمون الإنهيبين Inhibin الذي يثبط وظيفة الغدة النخامية Pituitary Gland Function، والهرمون المضاد للمولري Anti-Mullerian Hormone الذي يعيق البلوغ المبكر بمنع إنتاج الهرمونات الجنسية، من خلال تحفيز الهرمون المحفز للبصيلات. وتسبب المستويات المرتفعة بشكل غير عادي للهرمون المضاد للمولري التشوهات الولادية (الميال التحتاني Hypospadias واختفاء الخصية الغامض Idiopathic Cryptorchidism). لكن الإيبوبروفين يخفض مستويات كل من الإنهيبين والهرمون المضاد للمولري، وانخفاض الأخير يؤدي لفقدان النطاف Azoospermia بحسب دراسة سابقة.
وتشمل وظائف خلايا ستيرولي أيضاً إطلاق البروتين الرابط للأندروجين Androgen Binding Protein (الضروري للمحافظة على مستويات أندروجين كافية قرب الإنطاف Spermatogenisis) وتشكيل حاجز دم الخصية Blood Testis Barrier (الذي يحمي النطف الناشئة من النظام المناعي Immune System).
عزل التأثير المباشر للإيبوبروفين على الأنسجة الغدية:
وقد أجرى الباحثون تجارب على مزدرعات خصوية Testicular Explants لفصل لعزل التأثير المباشر للإيبوبروفين على الأنسجة الغدية Gland Tissue نفسها. ووجد انخفاض لإنتاج التستوسترون يعتمد على مقدار الجرعات، من خلال قمع نسخي Transcriptional Repression. وهذا يعني أن الإيبوبروفين يؤثر على قدرة خلايا ليديغ على إنتاج البروتينات Proteins اللازمة لإنتاج التستوسترون. ويتوافق ذلك مع قصور الغدد التناسلية Compensated Hypogonadism، الذي يرى عند البشر.
إن فصل الخصيتين من باقي المحور النخامي المهادي Hypothalamic-Pituitary Axis، يكشف تناقص التستوسترون. فالتستوسترون ينقص مستويات التستوسترون بشكل مباشر، لكن الغدة النخامية تعيد تنظيم الإنتاج (فتعيد مستويات المصل Serum Levels إلى المستوى العادي)، من خلال إطلاق مزيد من الهرمون الملوتن Luteinizing Hormone.
يكبح الإيبوبروفين إنتاج التستوسترون أيضاً عن طريق الأنزيمات Enzymes، بما فيها السيتوكروم Cytochrome P450. ولم يجد هذا الاختبار خارج الجسم الحي Ex Vivo Testing أذىً مباشراً للإنطاف (انقسام الخلايا الخصوية Splitting of Testicular Cells، والانقسام الاختزالي أو الإرجاعي Meiosis، لإنتاج خلايا النطف Sperm Cells). وعلى كل حال فإن مستويات التستوسترون المنخفضة تتداخل رمع السلوك الجنسي الصحي Healthy Sexual Behavior.
الخلاصة:
يمكن لمعظم المرضى أن يتابعوا استخدام الإيبوبروفين دون قلق. لكن مستخدمي الجرعات العالية بشكل مزمن Chronic High-Dose Users، مثل رياضيي ألعاب القوى Athlets، يكونون معرضين لخطر عال لتأثيرات غدد صم ضارة Adverse Endocrine Effects.
ويجد المرضى الذين يشكون من أعراض تتوافق مع قصور الغدد التناسلية (مثل ضعف الممارسة الجنسية Decreased Sex Drive، والاكتئاب Depression، والإعياء Fatigue، وانخفاض الكتلة العضلية الصافية Lean Muscle Mass)، راحة بتجنب الإيبوبروفين.
إن تأثير الإيبوبروفين على الجهاز التناسلي الذكري Male Reproductive System، هو تأثير يتشارك فيه مع الأدوية غير الستيروئيدية المضادة للالتهاب Nonsteroidal Anti-Inflammatory Drugs (NSAIDs) الأخرى. وعلى المرضى المهتمين بجهازهم التناسلي، وخصوصاً الراغبين في الحصول على أولاد، أن يستخدموا الباراسيتامول Paracetamol (الأسيتامينوفين Acetaminophen) كبديل لها في حالات الألم الخفيف Mild Pain.
بوابة المعرفة