قصة أطفال الكهف في تايلاند 7
استمرت عملية الإعداد لعملية إنقاذ أطفال فريق كرة القدم “الخنازير البرية ” الذين كانوا محتجزين داخل كهف ثام لوانغ نانغ نون Tham Luang Nang Non cave شمال تايلاند، بكافة أشكالها، حوالي ستة أيام (من مساء يوم اكتشاف مكان وجود الأطفال ومدربهم مساء يوم 02-07-2018م، حتى صباح يوم تنفيذ المرحلة الأولى لعملية الإنقاذ 08-07-2018م).
وكان من أهم الإعدادات الفنية واللوجستية لعملية الإنقاذ، هي تأمين الموقع بالأكسجين على طول مسار الطريق من فتحة الكهف إلى موقع الأطفال على بعد 3.2 كم (أو 4 كم بتقدير آخر) منها، وتحت سطح الجبل في نفس الموضع بحوالي 800 – 1000م. وجاء الخط إضافة إلى الاسطوانات التي يزود بها الغواصون، لتأمين احتياجات الأطفال أو للإعداد لعملية الإنقاذ. وكان يزيد من الحاجة للأكسجين في الكهف وجود عدد كبير من الغواصين داخله، فكان لا بد من تجديد يومي له.
وكان من أول مهمات عملية الانقاذ التأكد من حالة الأطفال وإعدادهم للخروج. وقد وصل إلى الفريق من أجل ذلك في اليوم التالي لاكتشافهم 03-07-2018، سبعة غواصين يشملون طبيباً أسترالياً (الدكتور ريتشارد هاريس RICHARD HARRIS) وممرضة. وقد تم فحص الأطفال صحياً، وبعد التأكد من أنهم جميعاً ليسوا بحالة خطرة، تم تزويدهم بما يلزم من غذاء مناسب (سهل الهضم، يزود بطاقة عالية، تحتوي فيتامينات ومعادن)، وبطانيات، ووسائل ترفيه في الظروف الصعبة التي يعيشونها. كما أعطوا أدوية تحسن حالتهم الصحية والنفسية. وبدأ تدريبهم على السباحة والغوص وارتداء قناع الغوص والتنفس من خلاله. ولكن اتضح أن بعضهم لن يستطيع أداء عملية اللازمة بنفسه مما عقّد أكثر عملية الإنقاذ.
وقد تم تأمين خط هواء ربط بالخط التليفوني الذي مدد لتأمين الاتصال بالفريق والمنقذين في الغرفة التي يتواجدون داخلها. ويزود خط الهواء الغرف الموجودة داخل الكهف بما فيها غرفة الأطفال بما يلزم منه بشكل مستمر. وكانت أسطوانات الأكسجين تنقل إلى الأماكن المختلفة من الكهف بواسطة الغواصين، مما أدى لوفاة أحد غواصي البحرية السابقين المتطوعين أثناء مهمة ليلية كان يقوم بها لهذا الغرض، ربما بسبب اختناقه لنفاذ الأكسجين من أسطوانته.
وكان ضخ أو نقل الماء والوحل من داخل الكهف إلى خارجه يجري على قدم وساق طيلة الوقت لتسهيل عملية الإنقاذ أكثر فأكثر. وفي يوم 05-07-2018م وصلت قدرة ضخ الماء من الكهف إلى 1.5 سم ارتفاع مستوى في الساعة الواحدة.
أما بالنسبة للغواصين المدربين، فقد زادوا عن تسعين (منهم أربعون من سلاح البحرية التايلاندي والباقون من جنسيات مختلفة) يعملون في الكهف، يضاف لهم في الخارج غواصون أقل تدريباً بما يصل بالعدد الكلي إلى أكثر من مائتين.
وبجانب الغواصين، كان هناك طواقم الإسعاف والخدمات المختلفة بما فيها إعداد الطعام للمتواجدين في الموقع، ورجال الصحافة والإعلام من مختلف أنحاء الأرض.
وقد ذكر أنه كان هناك خارج الخيمة ثلاثة عشر فريقاً للإسعاف، بمعدل واحد لكل محتجز في الكهف، كل منهم مجهز بطائرة هليوكبتر وسيارة إسعاف إضافة إلى المعدات الطبية المختلفة.
وقد تم في مرحلة أولية إعداد غرفة وقاعدة عمليات متقدمة داخل الكهف فيما يدعى الغرفة رقم 3 التي تبعد حوالي كيلومتر من فتحة الكهف وأصبح الطريق إليها من الفتحة جافاً بشكل كاف بعد الضخ المتواصل للماء من الكهف.
وفي دراسة لمسالك الكهف، تبين وجود عدة مقاطع مغمورة بالماء، كان يوجد في بعضها تيارات شديدة وانعدام رؤية. كما كان هناك أجزاء من الطريق ضيقة جداً، كان أبعاد أضيقها 38 × 72 سنتيمتر. وكان الطريق يحتاج سير ست ساعات في الدخول (ضد التيار) وخمسة في الخروج (مع التيار)، لذلك كان أي استعصاء أو مشكلة في الطريق قد يكون قاتلاً.
ورغم الجهود المكثفة في ضخ الماء والتزويد بالأكسجين، وجد يوم 06-07-2018م أن مستوى الأكسجين في الكهف يتناقص بشكل خطر، فتم تمديد خط تزويد بالهواء إلى غرفة الأطفال في نفس اليوم، ومع ذلك فقد استمر التناقص في مستوى الأكسجين حتى أصبح 15% يوم 08-07-2018م، في حين أن المستوى المطلوب لحياة البشر يتراوح بين 19.5% و23.5%.
كان يبدو أن الوقت يداهم المنقذين، لأن التأخير قد يأتي أيضاً بأمطار تعيد الأوضاع في الكهف إلى ما كانت عليه. وقد تحدث قائد سلاح البحرية التايلاندي للصحفيين قائلاً: “لم يعد بإمكاننا أن ننتظر أن تصبح جميع الظروف مناسبة أو جاهزة لعملية الإنقاذ، فالأحداث تضغط علينا. لقد كنا نظن أنه يمكن الاحتفاظ بالأطفال بأمان داخل الكهف لزمن طويل، لكن الظروف تغيرت. ليس لدينا إلا القليل من الوقت”.
وكان آخرون قد أكدوا على الحاجة للأكسجين بشكل متزايد وإلى تأمين خط له على طول الكهف، بما يسمح للغواصين البقاء تحت الماء أطول فترة ممكنة. وعندما تم تأمين ذلك، أصبح الذهاب إلى مكان وجود الأطفال في مثل هذه الشروط، يحتاج قرابة أربع ساعات من الوقت.
كما أكد الخبراء أنه مهما كان مستوى ضخ الماء إلى خارج الكهف، فلابد للأطفال من الغوص في بعض نقاط الكهف لأنه الطريقة الوحيدة للنجاة، مع العلم أنه خطر جداً حتى على الغواصين المدربين.
من هنا كان قرار استخدام تجهيزات تشبه حقائب التسوق ونقالات وطوافات لنقل الأطفال أثناء عملية الإنقاذ. وقد تطلب الأمر تجهيز هذه التجهيزات والملابس الواقية واسطوانة الأكسجين المرفقة، وكذلك الأدوية اللازمة كي يغيبوا عن الوعي أثناء نقلهم. وقد أصبحت هذه الأدوية موضوع جدل أثناء عملية الإنقاذ، إذ استنكر الكثيرون استخدام مواد مخدرة لتخديرهم، بينما نفى رئيس وزراء تايلاند الذي زار الموقع استخدامها، وقال أن المواد التي أعطيت للأطفال هي فقط مواد مهدئة ومضادة للاكتئاب تساعدهم على تحمل مدة رحلتهم من داخل الكهف إلى خارجه.
وكانت تايلاند وغيرها قد ملأت الإنترنت بهاشتاغ “#أعيدو_فريق_الخنازير_البرية_إلى_بيوتهم#BringWildBoarTeamHome ”
بما يقارب 1.2 مليون هاشتاغ، مما أضاف ضغطاً إضافياً على فريق الإنقاذ.
اقرأ المقال التالي: قصة عملية إنفاذ الأطفال الكاملة
بوابة المعرفة