الطماطم أو البندورة 1
تاريخ الطماطم (البندورة)
أصل الطماطم:
الموطن الأول لنبات البندورة أو الطماطم Tomato هو المناطق المرتفعة في غرب أمريكا الجنوبية في ما يعرف الآن بيرو والإكوادور وكذلك جزر الغالاباغوس GalaPagos في المحيط الهادي التابعة للإكوادور حيث وجدت آثار للنبات المعمر تعود إلى أكثر من 20 ألف عام. وكان نبات الطماطم Solanum lycopenrsicum آنذاك كما يبدو من نوع الطماطم الكرزي Cherry Tomato ذي الثمار الصغيرة بحجم ثمار الكرز أو العنب.
وقد نقل النبات بعد ذلك إلى المكسيك من قبل الهنود الحمر المكسيكيين الذين زرعوه لمشابهته نبات التوماتيلو Tomatillo ذو الثمار الوردية أو الصفراء الشائعة الاستخدام في مطبخهم منذ حوالي 2500 عام. وقد تطورت الثمار كما يبدو لاحقاً في أمريكا الوسطى إلى الحجم الكبير الذي نعرفه اليوم. وتعود أصول معظم الأنواع المتداولة حالياً في العالم إلى إحدى فصيلتين أخذتا من شرق المكسيك، هما الطماطم العنبية (المتطاولة) Currant Tomatoes ، والطماطم البرية الكرزية الكامدة (الكروية) Matt’s Wild Cherry Tomatoes.
أصل تسمية الطماطم:
كان شعب الأزتك Aztecs أول من دجن زراعة الطماطم واستخدم ثمارها الصغيرة الصفراء في حينه في الطبخ مع التوابل والذرة والملح، كما تدل على ذلك كتاباته القديمة. وقد أعطاها اسم توماتل Tomatl التي تعني بلغته الفاكهة المنتفخة Swelling Fruit. ومنها جاءت التسمية الإنجليزية Tomato التي أخذت منها تسمية طماطم في مصر ودول أخرى. أما في بلاد الشام فيستخدم اسم بندورة الذي جاء من التسمية الإيطالية Pomma Dorra التي تعني التفاح الذهبي. والجدير بالذكر أن المغاربة يطلقون على الطماطم اسم مطيشة. وكان شعب البويبلو Pueblo يعتقد أن من يأكل بذورها يكتسب القدرة على التنجيم.
انتشار نبات الطماطم في العالم:
يعتقد كثير من المؤرخين بأن المستكشف الإسباني كورتس كان أول من نقل نبات الطماطم الصفراء الصغيرة إلى أوربا بعد احتلال مدينة الأزتك تينوكتيلتان Tenochtiltan الواقعة مكان العاصمة المكسيكية مكسيكو عام 1521، في حين يظن آخرون أن مكتشف أمريكا كريستوف كولومبوس هو أول أوربي ينقلها إلى هناك ومنذ عام 1493. وكان الإيطالي ماتيولي أول من كتب عن وجودها في أوربا كما ذكرنا عام 1544.
نشر مستعمرو المكسيك الإسبان الطماطم في مستعمراتهم في البحر الكاريبي، ثم نقلوها إلى مستعمرتهم آنذاك الفيليبين، ومنها انتشرت في جنوب شرق آسيا ثم في مرحلة لاحقة إلى معظم القارة الآسيوية. كما نقلوا النبات إلى أوربا، حيث وجد أنها تنمو بسهولة في مناخ منطقة البحر الأبيض المتوسط. وقد بدأت زراعتها حوالي عام 1540 وقد تكون استعملت في الطعام بعد ذلك بوقت قصير. ومن المؤكد أنها دخلت المطبخ الإسباني في أوائل القرن السابع عشر. وكان أول كتاب طبخ يذكر فيه وجبات طماطم قد نشر في نابولي عام 1692، ومن المعتقد أن وصف وجبات الطماطم فيه أخذ عن المطبخ الإسباني. لكن من المؤكد أن بعض مناطق إيطاليا مثل فلورنسا استخدمت النبات كزينة لطاولة الطعام في أوائل القرن السابع عشر قبل إدخاله إلى المطبخ المحلي أواخر القرن أو بداية القرن الثامن عشر.
كان الحلاق الجراح جون جيرارد أول من زرع وذكر الطماطم في الكتب البريطانية عام 1597، لكن جيرارد كان يعتقد أن الطماطم سامة رغم معرفته باستعمال الإسبان والطليان للطماطم في غذائهم. وتبعه في ذلك عدد من المناطق في أوربا والمناطق المتحدثة بالانجليزية. وقد تحدثت الموسوعة البريطانية عن استخدام الطماطم في أنواع للحساء في القرن الثامن عشر.
ذكرت الطماطم في المراجع العلمية لأمريكا الشمالية للمرة الأولى عام 1710، ويبدو أنها نقلت إلى هناك من منطقة البحر الكاريبي، واستقرت أول الأمر في ولاية كارولينا الجنوبية والجنوب الشرقي للولايات المتحدة، ومنها إلى كاليفورنيا والساحل الغربي. وساد الاعتقاد بسمية الطماطم في البدء لفترة طويلة واقتصر استخدامها على زينة طاولات الطعام. واستمر ذلك حتى أكل الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون الطماطم في باريس عندما زارها أوائل القرن التاسع عشر وأرسل بعض بذارها إلى الولايات المتحدة.
لكن الفضل الأكبر في انتشار استهلاك الطماطم في الولايات المتحدة يعود إلى الضابط العجيب روبرت جيبون Robert Gibbon من نيوجرسي الذي قام بزيارات عدة وراء البحار ورأى كيف تستهلك الشعوب المختلفة الطماطم دون ضرر. فقد دعا جيبون لحضور عرض جماهيري مدهش للشجاعة في ساحة مدينته سالم Salem يوم 26 إيلول/ سبتمبر 1820، حيث تناول أمام الحشد الكبير من الجمهور سلة كاملة من الطماطم دون أن ينقلب على الأرض كما توقعوا كل لحظة. ومن حينه أصبح الأمريكيون يستهلكون الطماطم بحماس ودون خوف، وأصبحت من مكونات الوجبة الأمريكية.
أما الشرق الأوسط فقد تم إدخال الطماطم إليه عن طريق قنصل بريطانيا في حلب جون باركر أوائل القرن التاسع عشر، ثم انتشر في تركيا وبلاد الشام ومصر وقيل عنه عام 1881 أنه يؤكل ويطبخ في الشرق الأوسط منذ حوالي 40 سنة فقط. ودخلت الطماطم إيران عن طريق تركيا وأرمينيا وكانت تسمى الباذنجان الأرمني Armani Badenjan، كما أدخلته عائلة كاجار الملكية عن طريق فرنسا. وتسمى الطماطم الآن هناك بالخوخ الأجنبي Gojeh Farangi
المقال الثاني عن الطماطم: هل الطماطم من الخضار أم الفاكهة؟
د. ممدوح النيربيه
تاريخ النشر الأصلي: 06-03-2011
إعادة النشر: 12-08-2016
إعادة النشر: 30-12-2016